البند 475 من القانون الجنائي. أسال الكثير من المداد وبحت الحناجر حوله دون جدوى، فمطالب الحركات الحقوقية والنسائية على الخصوص كثيرة ومتعددة في هذا الشأن. وقصة الفتاة القاصر أمينة الفيلالي البالغة من العمر16 عاماً، التي انتحرت في مدينة العرائش بسبب موافقة عائلتها على تزويجها بالشخص الذي قام باغتصابها. ما هي إلا الوجه القبيح لجزء من المنظومة القضائية ببلادنا. فتزويجها وفق البند 475 من القانون الجنائي لستر الفضيحة التي تعري بأس تفكيرنا التقليدي واختزال الشرف في البكارة، فتتحول الفتات المغتصبة لوصمة عار في أعين الأسر الفقيرة المغلوب على أمرها، فلا تفكر إلا في التخلص من المغتصبة ورميها بين براثن الوحوش الكاسرة. فهذا القانون هو بمثابة اغتصاب من نوع آخر، اغتصاب للحياة أيضا أمينة الفيلالي، الفتاة القاصرة التي تم تزويجها من مغتصبها، انتحرت باستعمال سم الفئران. لأنها فكرت مليا في الكيفية التي ستعيش حياتها كمغتصبة مع وحش نكص عليها حياتها التي من المفروض أن تحياها دون صدمات وعقد نفسية، فخلصت أنها ستموت لعدة مرات بعدد الأيام والساعات التي ستقضيها مع مغتصبها زواج القاصر من مغتصبها يشجع الناس على ارتكاب مثل هذه الجرائم بما أن مرتكبها سيفلت من العقاب بمجرد الزواج من ضحيته. فأي قانون هذا الذي به نكافئ الجاني بعد أن تثبت إدانته على فعلته؟ ألا نشجع على ارتكاب مثل هذه الجرائم؟ حيث أن كل من رغب في فتاة وقابلته بالرفض ما عليه إلا أن يغتصبها ويكرمه القانون بأحسن هدية فالبند 475 هو شعار "اغتصبني، ثم تزوج مني رغما عني وأنف أسرتي في التراب بقوة القانون. وبالتالي فهو بمثابة شرعنة للاغتصاب بما أنه يتيح إفلات المجرم من العقاب إن هذا البند هو بمثابة الضوء الأخضر الذي يشجع المغتصبين على ارتكاب جرائم الاغتصاب دون أدنى حرج، لأن أغلبهم يختارون الزواج من الضحية ليس مكرهين بل فرحين، لأن فعلتهم كانت عن سبق إصرار وترصد مع كامل الأسف هذا الحل تقبل به أغلب العائلات تجنبا للفضيحة. لذا يجب القطع مع هذه التقاليد البالية التي تربط بين شرف الفتاة وبكارتها، وهذا راجع للأمية والفقر وعدم تطبيق قوانين صارمة تردع المغتصبين، وتحمي الضعيف. فنحن في أمس الحاجة للتنزيل السليم والحقيقي للدستور عبر القوانين التنظيمية التي يجب أن تتطور تماشيا مع الاتفاقيات الدولية التي وقعها المغرب فيما يخص الطفولة والمرأة وحقوق الإنسان بصفة عامة
ملحوظة
- ينص الفصل 475 على أن "من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن 18 سنة بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين الى خمسمائة درهم لكن فقرته الثانية تقول "ومع ذلك فإن القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا" - صرح مغتصب أمينة الفلالي عند انتحارها: أنه لم يجبرها على الزواج - توفيت "أمينة" ، و لم يواجه أي عقوبات أخرى