من خلال ما حدث وما يحدث من تجادبات هزت المنطقة العربية والمغاربية، تبادر إلى دهني سؤال أطن أنه يخالج أدهان كل الغيورين على أوطانهم. السؤال هو "لماذا أصبح الإنتقال الديمقراطي علينا عسيرا؟ أولا وقبل البحث عن الجواب هل نفهم معنى الديمقراطية؟ أطن أن أغلب الحكام لا يريدون فهم الديمقراطية بالمعنى الفلسفي الذي أنجبها من أيام الإغريق الذين أبدعوها. إذا لاحظنا ما يقوم به حكام العالم الثالث يتضح عدم رغبتهم في فهم للديمقراطية بمعناها الحقيقي والصحيح. يتضح ذلك من خلال كلامهم وتفسيراتهم بل وأفعالهم. هناك من يفسرها بأنها المجالس المنتخبة(صناديق الإقتراع)، وهناك من يحصرها في استقلال القضاء... في حين أن التفسير الصحيح هو تكريم الإنسان أما ما سبق من تفسيرات فهي عبارة عن مؤسسات بكاملها تلعب دورها في إرساء دعائم الديمقراطية.ا وسبب وجود هدا المصطلح هو التمدن. عندما بدأ بنو الإنسان يشكلون مدنا وحواضر أي بدؤا يعيشون في مجتمعات كبيرة ومحدودة في المكان والزمان بدأ التفكير في ضبط العلاقات التي تجمع بينهم بحيث يتساوون في الحقوق والواجبات. فبدأ التفكير في القوانين التي تحدد هذه العلاقات ووجب إيجاد مؤسسة تحافظ على تلك القوانين وهي القضاء. ووجود القضاء يفرض بدوره وجود مؤسسة أخرى تصدر القوانين وتتابع تطبيقها على الوجه الأمثل وهي المجالس المنتخبة. وبما ان الزمن محدود أي أن الأجيال تتغير، والمكان كذلك محدود بامتداد المدن، وجب تغيير المؤسسات بعد كل فترة من الزمن حسب المتطلب.ا فتشكلت المجالس ووجد القضاء ووضعت الدساتير. لا لخدمة الحكام ولا المجالس ، ولا الجماعات والأفراد ولكن لخدمة الإنسان المكون للمجتمع أو الشعب بغض النظر عن جنسه (رجل/امرأة)، ولونه أو دينه. وهذا ما لا يفهمه حكام العالم الثالث. فمن الملاحظ أنه كلما وصلت جماعة أوفرد إلى سدة الحكم تحاول السيطرة على المجالس والقضاء، وتحاول وضع دستور وإصدار قوانين على مقاسها. والهدف هو التحكم في كل شىء والسيطرة وإطالة مدة استبدادها.فتطغى عليها خدمة مصلحتها الخاصة على العامة. وهذا قلة وعي. لأن بقاء ها (الجماعة) لن يدوم ومرحلتها زائلة لامحالة. في حين أن الوعي الحقيقي هو إرساء دعائم الديمقراطية الحقة التي تبقي على مصالحها حتى بعد نزولها من سدة الحكم لأنها تشكل جزءا من مصلحة المجتمع الذي تعيش فيه.ا مرد ذلك إلى الجهل الذي يعتري ساسة العالم الثالث. وتخاذل مفكريها ومثقفيها الدين يغلب عليهم الجري وراء المصالح الشخصية. والإستكان لرغبات الحاكم طمعا في الحصول على المناصب والعلاوات. فتراهم يغيرون جلودهم كالأفاعي كلما هبت ريح جديدة. والسبب الثاني هو مخلفات الإستعمار. فهذا الخير غرز سمه عميقا في أجساد الدول لم تجد له ترياقا يشفيها منه إلى يومنا هذا. ففي الوقت الذي كان ينهب خيرات البلاد لتنمية اقتصاده خدمة للإنسان في بلده، كان يعد العدة لتولية من يخدمه في الدولة المستعمرة من دوي المصالح الضيقة والفردية. وجعل خدمة مصلحة الأفراد الموالين له خدمة لمصالحه بعد الإستقلال. وضيق على مناظلي الحركات الوطنية النزهاء، بل وقتل الكثير منهم بأيدي مواليه الذين تمكنوا بذلك من فرض سيطرتهم على كل شيء: اقتصادا بالريع والإمتيازات، وسياسة بالغش بالمال والتدليس واسغلال النفوذ أثناء انتخاب المجالس. حتى تمكن له الأمر وأصبح يحرك خيوط اللعبة السياسية من بعيد. وكأن مسؤولينا كراكيز لا يملكون القدرة علي شىء إلا بحركة أصابعه (أي الإستعمار).ا ومع توالي الفشل في السيايات المتبعة والمملات من المستعمر، وذلك عن قصد لأنه لايرغب في نجاح التجارب الحرة التي يبدعها أبناء الوطن الديمقراطيين، اصبحت خدمة المصالح الشخصية هي الطاغية على السياسات، وأضحت عادة يجري وراءها كل مولا أثناء فترة ولايتة. فانعدمت الثقة في السياسة والسياسيين. وعزف الشعب عن المشاركة في اللعبة السياسية. مما نتج عنه تشكيل مجالس أقليات لآ يتجاوز عدد المشاركين في انتخابها ثلث البالغين سن التصويت، وهذا مناف للديمقراطية الحقة وعائق لها.ا
خاتمة:ا لقد اخترت العنوان (يابني إنسان) تذكيرا بأغنية لناس الغيوان التي هي مجموعة غنائية مغربيةكان أغلب إنتاجاتها تنادي بتكريم الإنسان. وتحكي هموم شباب السبعينيات وأنا منه