المغرب إسبانيا: ضرورة
بناء علاقات استراتيجية محمد الهلالي
تطفو إشكالية العلاقات المغربية الإسبانية على سطح العلاقات الدولية كلما أثيرت أزمة جديدة بين البلدين، كان آخرها رفع دعوى قضائية من طرف القاضي الإسباني "بابلوروث" ضد إحدى عشر مسؤولا في الدرك والجيش المغربي متهما إياهم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والقتل والاختطاف القسري في الأقاليم الصحراوية ما بين (1975 و1992).أ فالمتتبع لمسار علاقات البلدين، يستنتج أن خاصية المد والجزر تعد أهم ما يميز هذه العلاقات، بحيث إذا حاولنا إعطاء صورة كاريكاتورية لهذه العلاقات، يمكن تشبيهها بطائرة بدون جناحين لكن بعلبة سوداء مليئة بالأحداث التي ما فتأت أن تحولت إلى مجموعة من الأحكام المسبقة الناتجة عن فهم خاطئ للتراكمات التاريخية.أ لكن السؤال المطروح حاليا وبإلحاح هو كيف يمكن التأسيس لعلاقات إستراتيجية بين البلدين؟ إن مستقبل العلاقات المغربية الإسبانية رهين بالتعاون الثقافي المعمق بقناعة تحريك العلاقات الأفقية عن طريق آلية المجتمع المدني.أ فالملاحظة العامة هي أن التعاون الثقافي بين هذين البلدين مازال ضعيفا، ويقتصر على الجانب اللغوي، في حين أن المطلوب هو ضرورة مساهمة التعاون الثقافي بين البلدين في القضاء على الأحكام المسبقة، وبالتالي خلق جو من الثقة بين الشعبين، عن طريق تحسين صورة البلدين عند بعضهما البعض، لذا فالحاجة ملحة لدبلوماسية جديدة تعتمد على إستراتيجية لإعلام والتواصل.أ بالإضافة إلى هذا يجب على الحكومة المغربية مراجعة إستراتيجيتها في التعامل مع الإسبان، وذلك عن طريق إشراك المجتمع المدني، وتقوية الدبلوماسية الموازية. فالمجتمع المدني أصبح له دور أساسي وفعلي في المجتمعات الديمقراطية عن طريق خلق صيغ جديدة للحوار بعيدا عن الرسميات، قصد إعادة الثقة عن طريق خلق جسر مع جميع تنسيقيات الجهات والمنظمات غير الحكومية بإسبانيا، والتي تعد قوة ضاغطة تلعب دورا كبيرا في التأثير على القرار السياسي للحكومة الإسبانية. وفي المحصلة، يجب تنشيط جناحي التواصل الثقافي، وتفعيل دور المجتمع المدني، وبالتالي تجاوز لعبة التحالفات الظرفية، وتبني سياسة الحوار عن طريق خلق ميكانيزمات للتواصل المتسمر، وهو الأمر الذي سيساهم بشكل فعال في إسعاف هذه العلاقات المتصفة بعدم الاستقرار، والرفع بها إلى التحليق في سماء العلاقات الدولية الإيجابية والبناءة.أ