|
من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة
تحتل مدونة الأسرة مكانة مهمة داخل التشريع المغربي وتأتي هذه الأهمية من الحقوق التي اكتسبتها الأسرة المغربية والمرأة بالخصوص،ومن خلال المخاض الطويل والعسير الذي سارت فيه معركة قضية المرأة بين الجبهة التقدمية و المحافظة، في فترة تجربة حكومة التناوب التوافقي برآسة الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي 1999م، رغم ارتباط هذه المبادرة باسم سعيد السعدي.ا
في هذه الفترة اشتعلت المواجهة بين الطرفين المحافظين والحداثيين ولم تهدأ المعركة إلا بعد تدخل إمارة المومنين، يوم نصب الملك محمد السادس "اللجنة الملكية الاستشارية لمراجعة مدونة الأسرة" برآسة محمد بوستى في شهر شتنبر 2001م، آنذاك سكت الجميع خاصة بعد الخطاب الملكي الحاسم أمام البرلمان في شهر أكتوبر 2003 م ، حيث عرض الملك الخطوط الكبرى لمشروع المدونة الجديدة، داعياً أعضاء المؤسسة التشريعية إلى النظر والمداولة في الجوانب التنظيمية والشكلية دون الجوانب الشرعية التي حسمتها اللجنة المختصة ووافق عليها الملك بوصفه "أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين" كما ينص على ذلك الفصل التاسع عشر من دستور المملكة. وترجع بدايات المعركة حول مدونة الأحوال الشخصية إلى مطلع التسعينيات من القرن العشرين، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، لكن الخلاف لم يعمر طويلاً -كما حدث مع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية- حيث طالبت فيه الهيئات النسائية بتعديل أحكام المدونة والقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، خاصة في الولاية وسن الزواج والطلاق والمتلكات، ليتدخل الملك بصفته الدينية معبرا على أنه لن يحل ما حرم الله ولن يحرم ما أحل الله، ويعين لجنة علمية أدخلت بعض التعديلات عام 1993م.ا لكن القضية عادت لتنبعث بقوة من جديد بعد تنصيب حكومة التناوب التوافقي تحت رئاسة الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، ومضيها في تنزيل برامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وبالضبط من كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة، والذي كان يتولاها الوزير سعيد السعدي الذي ارتبطت باسمه "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية".ا فبتقديم الملك لمشروع مدونة الأسرة انتقل المغرب من "قانون الأحوال الشخصية" إلى "مدونة الأسرة"، فلم يعد الاهتمام منصباً على حقوق الأشخاص وواجباتهم، بل أصبحت الأسرة حاضرة بجميع مكوناتها في المدونة الجديدة. ومن أهم ما جائت به مدونة الأسرة:ا ا - 1 لاختيارية في ولاية الزواج، فإن شاءت الراغبة في الزواج أن تتزوج بغير ولي فلها ذلك.ا م - 2 منع تعدد الزوجات إلا بإذن القاضي وإخبار الزوجة الأولى.ا ا - 3 رفع سن الزواج إلى 18 سنة عند الذكور والإناث معاً، مع فتح الباب لاستثناءات يقدرها القاضي بعد طلب المعنيين بالأمر.ا ا - 4 جعل الطلاق بيد القضاء وليس مباشرة عبر العدول.ا ا - 6 إلغاء أحكام بيت الطاعة.ا ا - 7 جعل بيت الزوجية من حق الأطفال والحاضنة.ا ا - 8 لاعتراف بحق إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة لحماية حقوق الأطفال .ا ا - 9 لتنصيص على المسؤولية المشتركة للزوجين على الأطفال.ا ا - 10 خلق صندوق لتغطية النفقة مباشرة بعد الطلاق.ا وقد أجمعت كل الهيئات السياسية والعلمية على الترحيب بالمدونة الجديدة، واعتبارها منعطفاً تاريخياً في تاريخ المغرب ومكسبا للمرأة المغربية.ا إ إعداد الحسين بوشوكة
|