ن نظمت جمعية الإبداع الثقافي بتولال مائدة مستديرة يوم 29-04-2012 حول موضوع: قرائة في تقطيع الدوائر الإنتخابية ببلدية تولال.ا شارك فيها مجموعة من ممثلي الجمعيات والأحزاب بتولال حيث انصب النقاش حول مفهوم التقطيع الإنتخابي، ومدي ملائمة التقطيع الحالي لبلدية تولال في ظل ما عرفته من توسع عمراني ونمو سكاني أثر سلبا على المعايير التي ينص عليها القانون في عملية تقطيع الدوائر.ا
المشاركون في الندوة
يجمع علماء القانون الدستوري على تعريف العملية الانتخابية بأنها مجموعة الخطوات التي تبدأ بتحديد موعد الانتخابات وتنتهي بالإعلان الرسمي عن نتائجها. إذن هناكمراحل لابد من اجتيازها لاعتبار الانتخابات قد أُجريت فعلا، وإن تجاوز تلك المراحل أو تخطي لإحداها قد يفضي إلى إفساد العملية الانتخابية بالكامل. ا هذه المراحل هي: (تحديد موعد الاقتراع، تحديد الدوائر الانتخابية، تسجيل الناخبين، الترشيح، الدعاية، إجراء الاقتراع، إعلان نتائج الانتخاب بعد فرز الأصوات.ا ويشكل التقطيع الانتخابي (تحديد الدوائر الانتخابية) محطة أساسية ذات أهمية مركزية في رسم السياسات الانتخابية في إطار الأنظمة الديمقراطية، من حيث اعتباره أداة لمنح مختلف المرشحين على اختلاف أطيافهم السياسية حضوضا متساوية للفوز بالمؤسسات المحلية المنتخبة، وهي ليست عملية شكلية بل أساسية في توجيه العملية الانتخابات برمتها،ا فالتقطيع الإنتخابي هو آلية سياسية أولا وتقنية ثانيا مؤثرة في النتائج الإنتخابية. وهذا التأثير أو التوجيه إن صح التعبير يبدأ برسم حدود بعض الدوائر تؤدي بطريقة مخدومة وعن سبق إصرار إلى جمع الأصوات الموالية لمرشح أو لحزب معين.ا هذه التعسفات السافرة التي كانت تعرفها العمليات الانتخابية بشكل يفرغ العملية بعمق من محتواها الذي ينبغي أن يتميز بالشفافية والنزاهة. لذا فإن التقطيعات المشوهة، تفرز مجالس جماعية مبلقنة ومشوهة، وتطعن الديمقراطية في جوهرها وتظل مصالح المواطنين معلقة ومتعثرة.ا والآن، ونحن على أبواب الإستحقاقات الجماعية التي تدخل كحلقة رئيسية ضمن المسلسل الانتخابي الذي تعيشه بلادنا مند أن صادق المغاربة بالإيجاب والقبول على الدستور الجديد لسنة 2011، فهلا انتبهت الإدارة الوصية إلى هذه المسألة بهدف معالجتها وتقويمها لكي نتمكن من السير على نهج الديمقراطية الحقة التي لا تضع صوب أعينها سوى المصلحة العليا للوطن وللمواطنين والاهتمام بهمومهم المعيشية وقضاياهم الحيوية.ا فكيف سيتم تنزيل الإصلاح السياسي والدستوري في ظل مجالس محلية جلها مزور ومتحكم فيه من قبل وزارة الداخلية؟ وهل سيقبل المغاربة بنصف إصلاح (دستوري) نصفه الآخر حاسم في رسم توجه العملية السياسية برمتها وصنع الخرائط الانتخابية؟ وإذا أخلف المغرب موعده مع تطبيق شروط الإصلاح الدستوري وحسن التنزيل السياسي والقانوني، فإن المراجعة الدستورية ستكون في واد، ونتائج التنزيل العملي تشريعيا وتنظيميا وعمليا وانتخابيا في واد آخر.ا وعلى هذا الأساس تعتبر الانتخابات الجماعية المقبلة محطة مفصلية للتنزيل العملي للإصلاحات السياسية والدستورية.ا وإذا كان معيار نزاهة الانتخابات يعني الحياد الذي يجب أن تتسم به العملية الانتخابية، وعدم احتكار وزارة الداخلية لإدارة العملية الانتخابية. هذه الأخيرة التي كانت تعتبر التقطيع الانتخابي أحد الآليات الأساسية للتحكم في الخريطة السياسية. فمن تم تمتلك وزارة الداخلية آليات حاسمة في رسم التوجهات العامة للعمليات الانتخابية، فهي من يحدد نوع المراجعة التي ستطال اللوائح الانتخابية العامة، وإدارتها الترابية هي من يتحكم في التقطيع الإداري والجماعي والذي يعتبر أساس التقطيع الانتخابي.ا وهذه الآلية تبدأ الإدارة الترابية باستعمالها قبل موعد الانتخابات بوقت طويل في خطوة استباقية تستهدف تهيئة المجال الترابي لتسهيل التحكم في الحملات الانتخابية، فهي تبدأ في عمليات التقسيم الإداري ومراجعة المجالات الترابية بالتوازي مع المعطيات التي يجمعها أعوان السلطة على أرض الواقع حول حظوظ الأحزاب السياسية والمرشحين المحتملين.ا فإذا كان معيار الحرية يعني وجود تنافس حقيقي بين مرشحين متعددين، ويعني احترام الحقوق والحريات السياسية الرئيسة كحرية الحركة وحرية التعبير وحرية الاجتماع وحرية المشاركة في التصويت، وغير ذلك من الحقوق والحريات، التي يستحيل تنظيم انتخابات حرة في بيئة لا تكفلها، ففي هذه البيئة لا يعتبر الصوت محددا مادام أن هناك آليات أخرى محددة, وبالتالي يغدو التصويت مجرد تزكية وليس اختيارا.ا إن التقطيع الانتخابي عملية يجب أن تراعي مساواة المواطنين في التمثيل السياسي و مساواة القوى السياسية أمام التنافس السياسي. فبدون تقطيع انتخابي عادل فإن الانتخابات تخضع لنوع من التزوير والتلاعب. فلا يعقل أن يفوز شخص أو حزب بمجموعة مقاعد مقابل عدد من الأصوات يقل عدة أضعاف عما يحتاجه شخص أو حزب آخر، بتقسيم الدوائر الانتخابية على مقاس أشخاص معينين، دون مراعاة المستوى الديمغرافي بين الدوائر.ا إن تقطيع الدوائر على المقاس وعدة ممارسات غيرمشروعة أو مخلة بالاحترام للإرادة الشعبية، ومعه الامتناع الملحوظ عنالتصويت، يعمل على تسهيل المس بمدى الاختيار الحر. بمعنى أن عددا محدودا نسبيامن الأصوات يكفي لخلق الفرق في النتائج، وهو خرقواضح وفاضح لمبدأ المساواة في الأصوات. والحصيلة لكل هذا هي مجالس جماعية كاريكاتورية. و ضمان المزيد من الفساد والاستبداد، وضياع الفرص التنموية التي تشكل الديمقراطية إحدى رافعاتها. والضحية أولا و أخيرا،و دائما وباستمرار هي التنمية والساكنة.ا كل هذه التعريفات والتساؤلات سنحاول وإياكم إسقاطها على بلدية تولال لنوسع النقاش في شأنها كل من منظوره ونحاول الخروج بخلاصة في شأن تقطيع الدوائر الإنتخابية.ا
التوصيات
عرفت بلدية تولال تغييرات مهمة على مستوى التوسع العمراني والنمو الديموغرافي مما يستدعي من الجهات الرسمية إيلاء أهمية قصوى لهذه الجماعة الحضرية من أجل إعادة النظر في تقطيع دوائرها الانتخابية.ا فكما يعلم الجميع فإن التقطيع الانتخابي يعكس بوضوح مستوى الإرادة السياسية المعبر عنها لضمان نزاهة الانتخابات سيما مع ما عرفته بلادنا من متغيرات أهمها الدستور الجديد. فقد بات لزاما الإنكباب بجدية وفي أقرب الآجال على إعادة تقطيع هذه الدوائر التي كان المتحكم فيها هو منطق تفصيل هذه الدوائر على مقاس أشخاص والتحكم في النتائج مما يعتبر خرقا سافرا لمبدأ الحياد والنزاهة وضربا لمبدأ حرية الاختيار والديمقراطية. ولهذا فإن خوض الانتخابات الجماعية القادمة بهذا التقطيع المشوه، يجعل الدستور الجديد في واد وتنزيله انتخابيا في واد آخر.ا وعليه نحن الموقعون أسفله ممثلو الهيئات السياسية والجمعوية ببلدية تولال نحيط عناية المسؤولين بأن بلدية تولال وساكنتها تستحق تقطيعا انتخابيا عادلا، تراعى فيه المعايير والمبادئ المعمول بها في الأقطار الديمقراطية التي يحترم فيها مبدأ المساواة بين المواطنين وبين القوى السياسية في التمثيل السياسي وكذالك احترام الاختيار الحر للساكنة في انتداب ممثليهم، باحترام معيار التوازن الديمغرافي بين الدوائر والمجال الجغرافي، لكي نضمن التناسب بين عدد السكان وعدد المقاعد المخصصة لتمثيلهم، وبالتالي نوع من المساواة بين الدوائر، مع إشراك القوى السياسية والفعاليات الجمعوية في إطار الديمقراطية التشاركية.والقطع مع الممارسات التعسفية السابقة المنتمية للعهد البائد.ا
تعليقات
فريد إداشن
كلمة لابد منها في حق المناضلين متمنياتي لجمعيتكم ولكل أعضائها التوفيق والنجاح في أعمالكم من أجل ترسيخ الوعي الديمقراطي والنهوض بساكنتها في مواجهة الوعي المتأخر، كم أتمنى لبلدة تولال الإزدهار والنمو والتقدم أشد على أياديكم فريد ادشين