على إثر الفاجعة الأليمة التي وقعت بمدخل مدينة فاس وهي انقلاب قطار المسافرين القادم من وجدة وعلى متنه أزيد من 300 راكب على مختلف الأعمار، حيث شاءت الأقدار ألا تقع خسائر في الأرواح بينما تكبدت الدولة خسائر مادية مهمة، كان السبب فيها اللهث وراء دريهمات معدودة تجنى ببيع المسروق، طفا على السطح النقاش حول التحول الذي بدأت تعرفه الجريمة داخل المجتمع المغربي، وانكشف المستور الذي طالما نبهنا لمغبة التهاون في التعامل مع استفحال ظاهرة الميخالة والمتجارة في المتلاشيات، لما تسببه هذه الظاهرة من أعراض جانبية أخرى بدأت تتعاظم خطورتها.ا في البداية كان البحث عن النحاس، فانتشرت ظاهرة سرقة هذه المادة، وذالك بتخريب أقفال الأبواب النحاسية سيام أقفال منازل المغاربة القاطنين بديار المهجر الذين يعودون في العطلة الصيفية ليجدوا منازلهم أفرغت عن آخرها.ا كذالك اقتحام الدور الآهلة بالسكان خلسة عبر الأسطح لسرقة (المهراز)المستعمل في المطبخ لدق التوابل، لما يحتويه من كتلة نحاسية، وما يترتب عنه منه ضرب وجرح بالسكاكين عند انكشاف الأمر.ا
بلوغا إلى سرقة الموصلات الكهربائية (الكابلات) بعد تخريبها، وما ينجم عنها من قطع التيار عن الساكنة وإغراقها في الظلام مع تعطيل بعض المؤسسات الإنتاجية، ناهيك عن الخسائر المادية المهمة وكذلك في الأرواح ، حيث يذهب ضحيتها اللصوص أنفسهم لينطبق عليهم المثل الدارجي – شاف الربيع ما شاف الحافة- دون أن ننسى ضحايا النحاس الذين يحاولون تفكيك بعض قطع الغيار دون معرفة مسبقة لنوع القطعة التي بين أيديهم، كما وقع لمن حاول تفكيك لغم يعود إلى فترة الإستعمار دون أن يعي خطورة ما هو مقدم عليه لينفجر اللغم بين يديه فأصبح رقما مضافا إلى ضحايا جمع النحاس.ا والأن بعد أن قلت هذه المادة انتقل المتعاطون لهذه الظاهرة إلى سرقة الحديد والفولاذ بدءا بأغطية سدادات المياه الصالحة للشرب والهاتف وأغطية بالوعات المياه العادمة التي يعمد السارق إلى تكسيرها لكي يقبل المشتري اقتنائها منه بالكيلوغرام، بلوغا إلى تخريب منشآت اقتصادية مهمة كالسكة الحديدية ليتضح بشكل جلي خطورة التهاون في التعاطي مع هذه الآفة، ونحن مقبلون على إنجاز القطار الفائق السرعة (T-G-V) ولتتخيلوا حجم الكارثة لا قدر الله.ا
لن نبحث عن دوافع تنامي هذا النوع من العمل الإجرامي التخريبي، ولن نلتمس الأعذار لمقترفي هذه الأعمال الشنيعة. بل يجب التعاطي مع هذه الظاهرة بما يتطلب من حزم وحكمة حيث لا يجب أن ينصب اهتمامنا على البائع المخرب (السارق)، بل يجب الضرب بيد من حديد بسلطة القانون على المشترون لهذه المواد والذين اغتنوا في غفلة من القانون باقتناء هذه المتلاشيات من أناس بسطاء بأثمنة زهيدة وتجميعها وإعادة بيعها بأثمان مرتفعة لأرباب المعامل والأفرنة لتذويبها وإعادة تصنيعها، جعلتهم يصبحون من أصحاب الشكارة الذين لا تهمهم من أين تأتي هذه البضاعة، وتشجعيهم بذالك نهب وسرقة هاتين المادتين باقتنائها من كل من هب ودب، مع أن الكل يعلم أن غطاء أي بلوعة لمياه الصرف الصحي إما هي ملك للجماعات المحلية أو لشركات تدبير هذا القطاع، فكيف لهذا المشتري أن يقتنيها ولو مكسرة وعبارة عن متلاشيات من خواص وليس من ذوي الحقوق عبر سمسرة ووثائق تضمن عملية البيع وسلامة الممتلكات العامة والخاصة، وكذالك ضمان أرواح الأبرياء.ا لماذا تم التخلي عن نظام التسجيل – بالجوطيات- والتعامل بالبطاقة الوطنية عند عملية البيع والشراء لكل ما هو مستعمل؟.ا
لذا على المصالح الأمنية والولائية القيام بدوريات تفتيش مباغتة لمحلات بيع وتخزين المتلاشيات للوقوف عن نوع المواد المقتناة قبل إتلافها أو شحنها.ا كما يجب أن تفرض على هؤلاء أصحاب الشكارة أن يسجلوا في دفاتر كل عملية شراء لهذه المواد محددين هوية البائع ونوع المادة وتاريخ اقتنائها، حتى نحاول الحد من هذه الظاهرة وضبط المتعاطين لظاهرة - للميخالة- وكذالك تبسيط عملية الوصول للجنات عند حدوث أي جناية أو كارثة لا قدر الله.ا الحسين بوشوكة